ولا يرهب ابن العمّ ما عشت صولتى ... ويأمن منّى صولة المتهّد
وإنّي وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
وقال آخر:
لسانك أحلى من جنى النّحل وعده ... وكفّاك بالمعروف أضيق من نعل
تمنّى الذي يأتيك حتّى إذا انتهى ... إلى أملٍ ناولته طرف الحبل
وقال زياد الأعجم:
لله درّك من فتى ... لو كنت تفعل ما تقول
لا خير في كذب الجلوا ... دو حبّذا صدق البخيل
وقال آخر:
وإن جميع الآفات فالبخيل شرها ... وشر من البخل المواعيد والمطل
قال ابن عيينة: وعد رجل ابن شبرمة عدة فمطله بها، فكتب إليه ابن شبرمة:
الخير أنفعه للناس أعجله ... وليس ينفع خيرٌ فيه تطويل
ومثل هذا قول سابق:
وتأخير ما يرجى بلاء ٌمبرحٌ ... وأفضل ما يرجى من الخير عاجله
وقال كعب بن زهير:
كانت مواعيد عرقوبٍ لها مثلاً ... وما مواعيدها إلا الأباطيل
وقال الأشجعى:
وعدت وكان الخلف منك سجيّة ... مواعيد عرقوبٍ أخاه بيتربٍ
قال ابن منبّه: هكذا قرأته على البصريين بيترب بالتاء،وفتح الراء.
قال ابن الكلبي، عن أبيه: كان عرقوبٌ رجلا من العماليق، فأتاه أخ له يسأله شيئاً،فقال له عرقوب: إذا طلع نخلى فلما طلع أتاه فقال له: إذا بلح، فلما بلح أتاه، فقال:إذا زهى،فلما زهى أتاه،فقال:إذا أرطب،فلما أرطب أتاه، فقال: إذا ثمر، فلمّا ثمر جذّه ليلا، ولم يعطيه شيئاً، فضربت به العرب المثل في خلف الوعد.
وقال غيره: عرقوب جبل مكلّل بالسحاب أبداً، ولايمطر شيئاً.
وقال الحكماء: من خاف الكذب، أقل المواعيد.
وقالوا: أمران لا يسلمان من الكذب، كثرة المواعيد، وشدة الاعتذار.
قال الأصمعي: سمعت أعرابيا يقول: أنا والله منه في مواعيد، تهيض العظم،وخلفٍ يذكر العدم، ولكنه إذا وعد الحريص علق نفسه لديه وأتعب رجليه، وأنشد:
أمّلت منك نوالاً لست أدركه ... متى أقول الّذي أمّلت يأتينى
أفي حياتي فأرجوه وينفعني ... أم في مماتي فإنّ الموت يغنيني
وقال الشاعر:
فلا تعد عدةً إلا وفيت بها ... ولا تكن مخلفاً يوماً تعد
وأظن هذا من قول المثقب العبدي:
لا تقولنّ إذا ما لم ترد ... أن يتمّ الوعد في شئٍ نعم
وإذا قلت نعم فاصبر لها ... بنجاح الوعد إنّ الخلف ذم
وروى لعمار الكلبي، وأظن من شعره هذا:
قم لوجه الله وكن ... صادق الوعد فمن يخلف يلم
وقال آخر:
إذا قلت في شئٍ نعم فأتمّه ... فإنّ نعم دين على الحرّ واجب
وإلا فقل لا واسترح وأرح بها ... لئلا يقول النّاس إنّك كاذب
وقال آخر:
إنّ الكريم إذا حباك بموعدٍ ... أطاكه سلساً بغير مطال
وقال عمر بن أبى ربيعة المخزومى:
ليت هنداً أنجزتنا ما تعد ... وشفت أنفسنا مما تجد
واستبدّت مرّةً واحدةً ... إنّما العاجز من لا يستبد
وقال آخر:
تمنيت ما أرجوه من حسن وعدكم ... فكنت كمن يرجو منال الفراقد
هبونى لم أستأهل العرف منكم ... أما كنتم أهلاً لصدق المواعد
وقال عباس بن الأحنف:
ما ضرّ من قطع الرّجاء ببخله ... لو كان عللنى بوعد كاذب
وقال آخر:
إن لم يكن وصل لديك لما ... يشفي الصبّابة فليكن وعد
وقال آخر:
فإن تدعى نجداً أدعه ومن به ... وإن تسكني نجداً فيا حبّذا نجد
وإن كان يوم الوعد يوم لقائنا ... فلا تعذليني أن أقول متى الوعد
وقال محمد بن مناذر:
أنل المال ولا تبخل به ... فإذا اعسرت بالمال فعد
لا تعد شراً وعد خيراً ولا ... تخلف الوعد وأنجز ما