فمالي إن أطعتك غير نفسي ... ومالي غير هذا الراس راس
وقال الهذلى يصف جباناً:
تحول قشعريراته دون لونه ... فرائصه من الموت ترعد
وقال آخر:
وكتيبةٍ لبستها بكتيبةٍ ... حتّى إذا التبست نفضت لها يدى
فتركتهم تقص الرّماح ظهورهم ... من بين منجدلٍ وآخر مسند
ما كان ينفعني مقال نسائهموقتلت دون رجالهملاتبعد
وروينا أن مروان بن الحكم، دعا أيمن بن خريم إلى القتال بمرج راهط، فقال له: إن أبى وعمى شهداء بدر، وعهدوا إلى ألا أقاتل مسلما، ثم أنشأ يقول
ولست بقاتلٍ رجلاً يصّلى ... على سلطان آخر من قريش
له سلطانه وعلى أثمي ... معاذ الله من سفه وطيش
أأقتل مسلماً في غير جرمٍ ... فلست بنافعي ما عشت عيشى
وقد روى أن هذه القصة جرت لأيمن بن خريم مع عبد الملك بن مروان.
ولأبى الغمر كاتب الحسن بن زيد أمير المدينة:
لست غداة الكر بالكرّار ... ولا على الطّعان بالصّبّار
هانت علىّ سبلات العار ... وما أبالي قبلوا اعتذاري
أو وسموني سمة الغدّار ... أنا طليق الرّكض والفرار
فديت نفسي منه بالإضمار ... فلو تراني أو ترى إحضاري
لا أعرف اللّيل من النّهار ... لخلتني عجلان ذا انشمار
طرفاً نجا من وخزة البيطار ... أحكم منه الصنّع في المضمار
أو عدو عير غير ما عثار ... أو كنجاء النقنق الطّيّار
قيل لأسلم بن زرعة: إن انهزمت من أصحاب مرداس غضب عليك الأمير عبيد الله بن زياد فقال: لأن يغضب علىّ وأنا حىّ، أحب إلىّ من أن يرضى عنى وأنا ميت.
وأسلم بن زرعة هذا هو القائل وقد عبأ جيشاً عظماً ليفزع به الخوارج، فلما رآهم لم يفزعوا، وجعلوا يقبلون إليه، قال لهم: عزمتم خار الله لنا ولكم ثم ضرب وجوه أصحابه وانصرف عنهم، ولما هزمه مرداس قال شاعرهم - وكانوا أربعين - وأسلم بن زرعة في ألفين:
أألفا مؤمنٍ منكم زعمتم ... ويهزمهم رجالٌ أربعونا
كذبتم ليس ذلكم كذا كم ... ولكنّ الخوارج مؤمنونا
هم الفئة القليلة قد علمتم ... على الفئة الكثيرة ينصرونا
وجه أبو جعفر المنصور، روح بن حاتم إلى قتال بعض الخوارج، فلقيه أبو دلامة، فقال له روح: يا أبا دلامة! لو خرجت معنا في هذا الوجه، فقاتلت فأبليت، فذكرت بالشجاعة كما ذكرت بالشعر، فضحك، وقال: اسمع أبا خالد، قال: هات، فأنشأ يقول:
آني أعوذ بروح أن يقربني ... إلى القتال فيشقى بي بنو أسد
إن الدّنوّ من الأعتداء تعلمه ... مما يفرّق بين الروح والجسد
قال: فضحك وأمر له بجائزة.
وقال أبو الغمر:
ظلّت تشجعني ضلاّ بتضليل ... وللشّجاعة خطبٌ غير مجهول
هل غير أن عذلوني أنني فشلٌ ... فكلّ هذا نعم فاغروا بتعذيلى
الحرب تعقب من يصلى بها حزناً ... يتم البنين وإرمال المثاكيل
والله ل أنّ جبريلاً تكفّل لي ... بالنّصر خفت على علمي بجبريل
الله خلصني منهم وفلسفتي ... حتّى تخلصت مخضوب السّراويل
وله أيضاً:
لست بداء الحرب بوقاف ... ولا على القرن بعطّاف
قد أمّن الله عدوّى فما ... يخاف رماحي وأسيافي
إذا رأيت الحرب من فرسخٍ ... خذرفت رجلي آي خذراف
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من اعتذر إليه أخوه المسلم فليقبل عذره، مالم يعلم كذبه " قال عمر بن الخطّاب: لا تلم أخاك على ما يكون العذر في مثله قال الأحنف: إيّاك وما يعتذر منه، فإنّه قلمّا اعتذر أحدٌ فسلم من كذب قال الحسن بن علىّ رضى الله عنهما: لو أنّ رجلا شتمني في آذني هذه، واعتذر إلى في أذني هذه لقبلت عذره.
ومن النظم في معناه:
قيل لي قد أسا إليك فلانٌ ... وقعود الفتى على الضّيم عار