قسم النبي -عليه السلام- خيبر -فعل- وإن رأى أن يدعها فيئا للمسلمين فعل، كما فعل النبي -عليه السلام- عندما فتح مكة عنوة ولم يقسمها بين الفاتحين، وكما فعل بنصف خيبر في إحدى الروايات التي تقول: إنه قسم نصفها. فالوالي يختار فله أن يحبسها أي يجعلها في ملكية المسلمين العامة ويكون حق الانتفاع لحائزيها نظير الخراج، كما فعل الرسول عليه السلام بأرض مكة، كما له أن يوزعها على المقاتلين كما فعل الرسول -عليه السلام- بأرض خيبر. كل ذلك في ضوء ما يراه من المصلحة العامة للمسلمين.
وكما يذكر الشيخ علي الحفيف، ففي عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- كانت الثروة العامة للمسلمين ضيقة الحدود قليلة المقدار في جملتها. ولهذا يجب ألا يفهم من ذلك أن الاقتصاد الإسلامي لا يعرف غير تلك الصور من الملكية العامة التي أشرنا إليها، ذلك لأن تقرير الملكية العامة يضع في الإسلام لقاعدة أساسية وهي تحقيق صالح الجماعة الكتاب والسنة. فقد ذكر عليه الصلاة والسلام: "المسلمون شركاء في ثلاثة: الماء والكلأ والنار" أخرجه أحمد وأبو داود* أضاف عليه السلام في حديث آخر الملح. وهذا يعني أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أوجب أن تكون ملكية هذه الأشياء هي التي كانت ضرورية لجميع الناس على عهد الرسول -عليه السلام- ولا يتوقف وجودها أو الانتفاع بها على مجهود خاص. واختلاف الحضارات فإنه لا يوجد ما يمنع من أن يقاس على هذه الأشياء الأربعة أشياء أخرى تتوافر فيها صفاتها. وهذا ما فعله المجتهدون من الأئمة