إلى دواء الفقراء والمرضى وعلاجهم وإلى أكفان الموتى الذين لا مال لهم، وإلى نفقة اللقيط وعقل جنايته، وإلى نفقة من هو عاجز عن الكسب، وليس ل من تجب عليه نفقته، ونحو ذلك وعلى الإمام صرف هذه الحقوق إلى مستحقيها".
وقد خصت الدولة الإسلامية عطاء معينا من بيت المال للأطفال سواء كانوا أغنياء أم فقراء رعاية للأطفال وحرصا على تنشئتهم تنشئة صالحة متوازنة. وقد أمر عمر بن الخطاب مناديا ينادي بالناس بألا تعجلوا أولادكم على الفطام، فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام53.
ولا تقتصر واجبات الدولة المسلمة على رعاية المحتاجين من المسلمين فحسب، وإنما تمتد رعاية الإسلام إلى غير المسلمين كذلك، فقد جاء في كتاب خالد بن الوليد إلى أهل الحيرة عندما صالحهم: وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات، طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام54. وهكذا تكفل الإسلام برعاية كل مواطن في الدولة الإسلامية بغض النظر عن دينه أو أصله أو لونه. فالإسلام يرعى الإنسان كإنسان، وهذا هو ما جعل أهل البلاد المفتوحة يدخلون في دين الله أفواجا التماسا للعدل والحق والرعاية الكريمة.
والفرق شاسع بين الفتوحات الإسلامية والفتوحات الاستعمارية، فالفتوحات الإسلامية أدت إلى اندماج عضوي بين المسلمين وأهل البلاد المفتوحة حيث دخل أهل هذه البلاد في دين الإسلام وتبنوا اللغة العربية نتيجة الاقتناعهم بالدين الحنيف الذي يتفق مع الفطرة ولما حققه الإسلام لهم من قضاء على الظلم والاستغلال، وما نعموا به في ظل الإسلام من عدل ومساواة ومعاملة كريمة، وما قدمه الإسلام لهم من حضارة خالدة، أما الحركات الاستعمارية فكان مآلها طرد البلاد المستعمرة نتيجة لما قامت به من استغلال واستنزاف للمستعمرات.