تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ، وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ، وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 136-138] ، ومن صحيح مسلم عن عياض بن حرام رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء فاحتالتهم الشياطين، وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا". وهذه القاعدة عظيمة النفع في مجال التنمية الاقتصادية، وبناء عليها فإن البيع والهبة والإجارة وغيرها من العادات التي يحتاج إليها الناس في معاشهم كالأكل والشرب والملبس وضعت لها الشريعة آدابها فحرمت منها ما يؤدي إلى الفساد أو ما فيه حرمة أو ظلم وأوجبت ما لا بد منه وكرهت ما لا ينبغي واستحبت ما فيه مصلحة.
ثانيًا: تنعقد العقود في الإسلام بكل ما يدل على مقصودها:
يهتم الإسلام بالجوهر والمضمون والقصد وليس بالشكل ولهذا وبناء على الأصل السابق فقد حرر الإسلام العقود من الشكلية فلم يشترط لها صيغة محددة حيث اعتبر كل ما دل على إيجاب وقبول عقدًا وترتب عليه آثاره ما دام قد أبرمه من لهم أهلية التعاقد وتم فيما يجوز التعاقد معه. وهذا يدل على مقدار مرونة الإسلام حيث إن هذا المبدأ يتسع لعوائد الناس وأعرافهم ويسمح للاختلافات الناجمة عن اختلاف الثقافات بين المجتمعات*.