وهناك من الناس من يضع سورًا حول أرض غير مملوكة لأحد، لكن حيازتها أو وضع اليد عليها وتحجيزها -أي تسويرها- ليس مثبتًا للملكية لكنه مثبت للأولوية أو الأحقية في الزراعة والإحياء، وهي سند الملكية الحقيقة. لكن هذه الأولوية في الاستصلاح والاستنزاع لا تستمر إلى ما لا نهاية، ذلك لأن معنى هذا أن واضع اليد الذي لا يزرعها يحرم غيره من الانتفاع بها كما يحرم الأمة من الانتفاع بخيراتها. لهذا حدد الرسول -صلي الله عليه وسلم- لواضع اليد ثلاث سنوات كفرصة لزراعتها أو محاولة ذلك وإلا تنزع منه وتعطى لآخر أقدر منه ولديه الاستعداد. قال عليه السلام: "من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين" وقد روي مثل ذلك عمر بن الخطاب.

والإحياء سبب للملكية باتفاق الفقهاء لورود نص واضح عن الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك. لكن هناك خلافا بين الفقهاء حول اشتراط إذن الإمام. فهل الإحياء وحده سبب للملكية دون إذن الإمام أو باشتراط إذنه؟ وقال أبو حنيفة: الإحياء سبب الملكية ولكن شرطها إذن الإمام. ويحكي أبو يوسف تلميذ أبي حنيفة هذا الخلاف في كتابه الخراج17 وبين وجهة نظره هو التي هي وجهة نظر جمهور الفقهاء كما بين وجهة نظر شيخه*. ونستطيع القول: إن الجمهور ينظرون إلى الواقع وليس إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015