اقتصاد يحاول السمو بالإنسان إلى مرتبة المخلوق المتصل بخالقه أملا وعملا ومصيرا. والاقتصاد الإسلامي ينبذ النزعات الماكيافيلية التي تجعل سمو الهدف مبررا لدنو الوسيلة، ذلك لأنه يتسم بالواقعة الأخلاقية في وسائله وغاياته. وإذا كان الاقتصاد الإسلامي يدعونا إلى التملك والعمل والاستثمار وتعمير الأرض والضرب فيها ... فإن هناك ضوابط دينية أخلاقية تحكمه تتمثل في قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ} [القصص: 77] ، وهناك خمس اعتبارات يمكن استخراجها من هذه الآية وهي:
أ- إن الملك كله لله أساسا.
ب- يجب على الإنسان أن يبتغي وجه الله تعالى في كل أعماله.
ج- يجب ألا يهمل الإنسان حقه في الاستماع الحلال.
د- يجب على الإنسان أن يحسن إلى المحتاجين كما أحسن الله إليه.
هـ- أن يتجنب الإنسان توجيه ثرواته وأمواله وأعماله نحو الإفساد في الأرض أو إيذاء الآخرين.
ويشير الباحث الفرنسي جاك أوستروي في دراسة له بعنوان الإسلام أمام التطور الاقتصادي5 إلى أن الاقتصاد الإسلامي نظام وسط، وهو ينتقد المذاهب الاقتصادية المعاصرة بقوله: إنه لا توجد طريقة وحيدة ضرورية للإنماء الاقتصادي كما تريد أن تقنعنا المذاهب قصيرة النظر في النظامين السائدين يعني الرأسمالية والشيوعية في دعوى كل منهما بأنها المنهج الاقتصادي الأمثل. ويؤكد الباحث المذكور على ضرورة الاستفادة بالمذهب الثالث في الإسلام، ذلك المذهب الذي يقف موقفا وسطا بين الفردية والجماعية، ويجمع بين حسنات كل المذاهب الاقتصادية المعاصرة إلى جانب أنه يتغلب على جميع الصعوبات الاقتصادية التي يقف الاقتصاد الحديث عاجزا عن معالجتها. ويذهب ماسينيون المستشرق