تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] . ثم قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]
إذا كان هذا هو أمر تحصيل الثروة، فقد وجهنا القرآن الكريم إلى الاعتدال والوسطية وتحقيق التوازن في استخدامها، وينهانا سبحانه وتعالى عن الإسراف فيها أو الضن بها، حيث جعل الاعتدال في الإنفاق من خصائص عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان: 67] . كذلك فإن الإسراف في الثروة أو الضن بها عن الحقوق والواجبات أمر يؤدى إلى اللوم والحسرة ... يقول تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} [الإسراء: 29] .
إذا كان الإسلام يوجهنا إلى ضرورة تحصيل الثروة والابتغاء من فضل الله فإنه يوضح لنا الأساليب المشروعة التي تحقق صالح الفرد والجماعة.
وهي التجارة والزراعة والصناعة -وهي الأساليب التي تكفل تلبية الحاجات المادية الاقتصادية لأبناء أي مجتمع ولهذا تعد في علم الاجتماع من الضرورات الاجتماعية Social Imperatives التي لا غنى لمجتمع عنها، فإن الإسلام يوضح لنا- في نفس الوقت الأساليب غير المشروعة في تحصيل الثروة وينهى عنها بشدة لما تؤدي إليه من مشكلات اجتماعية وتمزق في العلاقات الإنسانية ولما فيها من الشرور والآثام مثل أسلوب الربا الذي يعتمد على الاستغلال، والسرقة والنهب والسلب والتسول لما تؤدي إليه هذه الأساليب من زعزعة للأمن وتهديد للناس. والأمن أساس مهم من أسس الاستقرار الاجتماعي وتماسك وتكامل الجماعات. كذلك يحرم الإسلام الإتجار فيما يفسد العقل والصحة كالخمر ولحم الخنزير، أو تحصيل المال بأساليب الميسر أو الرقص أو الإتجار في الأعراض، لما تؤدي إليه هذه الأساليب من إفساد للأخلاق وانهيار الأسر وتصدع للعلاقات