يشير الاقتصاد لغة إلى الاعتدال والموازنة بين الدخول والنفقات، وقد نبهنا القرآن الكريم إلى هذا المعنى عندما قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان: 67] ، وجاء في التوجيه النبوي الكريم: "ما عال من اقتصد" بمعنى أن من يحسن ويعتدل في معيشته لا يفتقر. وينطبق هذا التوجيه على الأفراد والتنظيمات والجماعات والدول والشعوب. وقد نبهنا عليه الصلاة والسلام أن من فقه الرجل قصده في معيشته. أما الاقتصاد كعلم فهو العلم الذي يبحث في مسألة الثروة من حيث إيجادها وتنميتها واستهلاكها وتوزيعها ويبحث في قضايا الندرة والقيمة والإنتاج والتبادل والتوزيع والتجارة الخارجية ... ومن يرجع إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة والتراث الإسلامي عند العلماء المسلمين مثل ابن خلدون وإلى التطبيقات الاقتصادية خلال عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعهد الخلفاء الراشدين من بعده، يدرك أن الإسلام قدم لنا نظاما اقتصاديا متكاملا قبل ظهور العدالة والرخاء في إطار من التكافل والتكامل الاجتماعيين، ويجنب المجتمع النزعة الفردية المسرفة والتي تتمثل في الرأسمالية بشكلها الغربي خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كما يجنبه الجماعة والشمولية المفرطة والتي تنكر على الإنسان فطرته وتطلعه إلى التملك والحوافز الاقتصادية المحركة له وتحيله إلى ترس يدور في عجلة المجتمع. والواقع أنه لا مجال للمقارنة بين نظام الاقتصاد الإسلامي والنظم الاقتصادية الوضعية؛ لأن النظام الأول يرتكز على أسس إلهية سامية صادرة عن الخالق سبحانه الذي خلق الإنسان ويعلم دوافعه ومحركات سلوكه وما يحقق خيره وخير مجتمعه، أما النظم الثانية فهي نظم