وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] . والمسلم مطالب بالمجاهدة في سبيل إعلاء كلمة الله سبحانه ودحر الباطل وأهله {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69] .

رابعًا: العمل بما يتفق مع التكريم الإلهي للإنسان {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70] . فلا يهبط الإنسان عن مستوى الإنسانية الذى استحق من أجله التكريم الإلهي، وعليه أن ينشط في عمارة الأرض بما توحيه الآية الكريمة مِنْ حمله -في البر والبحر- ورزقه من -الطيبات- فيستغل هذه الطاقة الممنوحة له في كل اتجاه في إطار تقوى الله ومبادئ الإسلام الحنيف. فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يدعو المؤمنين إلى إعمال عقلهم في كل اتجاه من الكون ومجتمعه وتاريخه من أجل فهم سنن الله في الكون والمجتمع والإنسان والتاريخ، ذلك لأن كل تفكير سليم سوف يسهم في إثبات عظمة الخالق سبحانه {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] .

ولقد زود الله سبحانه الإنسان بكل إمكانات الخلافة عن الله سبحانة وتلقي الهداية عنه قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] . وقال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1-5] . ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 6-8] .

من رحمة الله سبحانه بعباده أن وجههم منذ الميلاد إلى الفطرة السليمة، وأودع فيهم ميلًا طبيعيًّا للارتباط بتوحيده سبحانه، يقول عليه السلام: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه" صحيح البخاري -4/144. وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015