قدم الإسلام الحنيف بناءً تربويًّا متكاملًا للبشرية -يحقق لهم السعادة في الدنيا، والفوز بالجنة ورضوان الله في الآخرة- منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا. ويتسم البناء التربوي الإسلامي بخاصية فريدة تميزه عن كافة النظريات الوضعية وهي أن مصدره كتاب الله وسنة نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4] ، وهذا المصدر الإلهي للبناء التربوي الإسلامي هو الذي يؤكد صدقه وثباته المطلق، وفائدته العظمى للإنسان في الدنيا والآخرة معًا. وينبثق النظام التربوي في الإسلام من النظام التفسيري والرؤية الصادقة للكون والحياة والمجتمع والتاريخ والإنسان، فالله هو الخالق وهو سبحانه المنظم ومبدع الإنسان وخالقه بنوازعه وجوهرة، ومنزل الشريعة المناسبة له والقادرة على تنظيم شئونه، وعلى تحقيق التوازن أو التعادلية المعجزة لحاجاته الجسدية المادية والروحية والعقلية*.
وينطلق النظام الإسلامي في التربية من الفهم الصادق لحقيقة الإنسان والهدف من خلقه وأساليب تحقيق أهدافه ومصيره في الآخرة، وهي مقدمات لا بد منها حتى يستوي النظام التربوي غاية ووسيلة، ويحقق أهدافه.
فقد خَلَقَ الله سبحانه وتعالى الإنسان ليكون خليفة له في الأرض،