فقد يمر المجتمع بظروف تختل فيها نسبة الإناث إلى الرجال بسبب ما يتعرض له الرجال من ظروف شاقة في العمل ومن إبادة في الحروب، هنا بدلًا من لجوء النساء -اللائي لا يجدن زواجًا- للانحراف يكون العلاج في التعدد.

وإذا كان التعدد ظاهرة تاريخية ومعاصرة لم يخل منها مجتمع -سواء بشكل مشروع أو غير مشروع- فإن الإسلام وضع لها ضوابط وقواعد تجعل منه علاجًا لمشكلة أو وقاية من انحراف. هذه الضوابط تتمثل في أمرين أساسيين هما:

أ- وضع حدٍ أعلى للتعدد يكفل حاجة الرجل بشكل يتخطى الفترات التي تنعدم فيها قابلية المرأة.

ب- أوجبت على الرجل أن يعدل في مطالب الحياة بين هذه الزوجات تحقيقًا للهدوء والاطمئنان وتجنبًا للظلم والميل والانحراف: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء: 129] . وليس معنى هذا تحريم التعدد لكن إباحته بشرط تحقيق العدالة بين الزوجات بمعنى ألا يميل الزوج إلى إحداهن كل الميل بحيث يترك الثانية كالمعلقة. وفي ظل هذا المبدأ عدد النبي -صلي الله عليه وسلم- زوجاته وعدد الأصحاب والتابعون زوجاتهم17.

وتتضح عظمة وواقعية الإسلام في أن كثيرًا من المجتمعات تحاول مراجعة تشريعاتها اليوم للاستفادة بالحلول الإسلامية، ذلك لأن منع التعدد أدى إلى الكثير من الظواهر الانحرافية -في المجتمعات الغربية- منها البغاء وارتفاع نسبة اللقطاء وتفكك العلاقات، وانتشار الأمراض النفسية والجنسية. مثال هذا أنه في مؤتمر عقد في فرنسا سنة 1901- لمواجهة انتشار الفسق -وجد أن عدد اللقطاء المودعين في ملاجئ في إحدى المقاطعات "السين" وحدها والذين يتلقون معاشهم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015