الزوجين مراجعة أنفسهما للزوج ردّ زوجته، أما إذا وقع الطلاق الثالث سقط هذا الحق إلا بشرط بالغ الصعوبة من شأنه أن يجعل الزوج يعيد النظر عدة مرات في الإقدام عليه، هذا الشرط عبر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 230] . فحتَّى فِي هذه الحالة ومع هذا الشرط الصعب، وحتى آخر مرحلة يحافظ الإسلام على إعادة التماسك والتكامل الأسري.
و من كل هذا يتضح أن الطلاق الأول والثاني في الإسلام علاج لحالات مستعصية، ويحاول من خلالها الإسلام تقديم علاج قاسٍ عندما تفشل كل وسائل العلاج الأخرى. والطلاق أمر واقع حتى في المجتمعات والشرائع التي تحرمه، وهناك الانفصال الروحي والاجتماعي مع بقاء الارتباطات القانونية أو الجسدية، وهذه ظاهرة مرضية خطيرة تهدد الأبناء والأزواج والمجتمع، وتؤدي إلى انتشار السلوك الانحرافي كالزنا والبغاء، وجناح الأحداث وتفكك العلاقات الاجتماعية. ولعل هذا هو ما جعل بعض المجتمعات الغربية تعيد النظر في قضية الطلاق والأخذ ببعض جوانب الحل الإسلامي، ذلك الحل الذي يتسم بالمواجهة الواقعة والجذرية والصحية للمشكلات الاجتماعية بشكل يحفظ على كل من الرجل والمرأة كرامتهما، وعلى المجتمع تكامله، ويحول دون ظهور الانحرافات، وإن ظهرت يواجهها مواجهة شمولية جذرية.