اعلم أن أوامر الله تعالى فرائض، ونوافل.
فالفرض: رأس المال، وهو أصل التجارة وبه تحصل النجاة. والنفل: هو الربح وبه الفوز بالدرجات، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)) (?)، ولن تصل أيها الطالب إلى القيام بأوامر الله تعالى إلا بمراقبة قلبك وجوارحك في لحظاتك وأنفاسك، من حين تصبح إلى حين تمسى.
فاعلم أن الله تعالى مطلع على ضميرك، ومشرف على ظاهرك وباطنك، ومحيط بجميع لحظاتك وخطراتك وخطواتك وسائر سكناتك وحركاتك، وأنك في مخالطتك وخلواتك متردد بين يديه فلا يسكن في الملك والملكوت ساكن، ولا يتحرك متحرك إلا وجبار السماوات والأرض مطلع عليه {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} (غافر: 19) و {يعلم السر وأخفى} (طه: 7).
فتأدب أيها المسكين ظاهراً وباطناً بين يدي الله تعالى تأدب العبد الذليل المذنب في حضرة الملك الجبار القهار، واجتهد ألا يراك مولاك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك، ولن تقدر على ذلك إلا بأن توزع أوقاتك وترتب أورادك من صباحك إلى مسائك.
فاصغ إلى ما يلقى إليك من أوامر الله تعالى عليك من حين تستيقظ من منامك إلى وقت رجوعك إلى مضجعك.