ولا لوم عليهم في ذلك؛ فإن الطريق الموصلة إلى الله (تبارك وتعالى) ليست مما يقطع بالأقدام، إنما تقطع بالقلوب، فلا بد من أن يكون القلب سليماً ذا قوة وبصيرة حتى يصل، وإلا حالت دون ذلك الشبهات والشهوات التي تعرض له.
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) (?).
ولا يمتري أحد في أن الإمام الغزالي (رحمه الله) له يد طولى في الكلام على أمراض القلوب وعللها، وإجادة وصفها وتشخيصها، ووصف الدواء للخلاص منها واستئصالها، وجُل الناس بعده عيال عليه في هذا الباب.
ولكن اعلم - وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلني وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته -: أن كتب الإمام الغزالي (رحمه الله) تشتمل على الصحيح والسقيم، وتجد فيهما الغث والسمين، وترى فيها الدر الثمين ممزوجًا في الرصف بالخرز المهين.
وهذا ليس من كيسي، إنما هذا كلام أهل العلم والتحقيق الذين جاؤوا من بعده (رحمه الله)، قالوه نصيحة للمسلمين، وقد قال سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -: ((الدين النصيحة)) (?).