أما الحسد: فهو متشعب من الشح؛ فإن البخيل: هو الذي يبخل بما في يده على غيره.
والشحيح: هو الذي يبخل بنعمة الله تعالى، وهي في خزائن قدرته تعالى لا في خزائنه على عباد الله، فشحه أعظم.
والحسود: هو الذي يشق عليه إنعام الله تعالى من خزائن قدرته على عبد من عباده (?)، بعلم
أو مال أو محبة في قلوب الناس أو حظ من الحظوظ، حتى أنه ليحب زوالها عنه وإن لم يحصل له بذلك شيء من تلك النعمة، فهذا منتهى الخبث، والحسود هو المعذب الذي لا يُرحم، ولا يزال في عذاب دائم في الدنيا إلى موته، ولعذاب الآخرة أشد وأكبر.
بل لا يصل العبد إلى حقيقة الإيمان ما لم يحب لسائر الناس ما يحب لنفسه، بل ينبغي أن يساهم المسلمين في السراء والضراء، فالمسلمون كالبنيان الواحد يشد بعضه بعضًا، وكالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو اشتكى سائر الجسد، فإن كنت لا تصادف هذا من قلبك فاشتغالك بطلب التخلص من الهلاك أهم من اشتغالك بنوادر الفروع وعلم الخصومات.
قال بعض السلف: ((الحسد أول ذنب عُصِيَ اللهُ به في السماء (يعني: حسد إبليس لآدم عليه السلام)، وأول ذنب عُصِيَ اللهُ به في الأرض (يعني: حسد قابيل بن آدم لأخيه هابيل حتى قتله))).
وقال الفقيه السمرقندي (رحمه الله): ((يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود:
أولاها: غم لا ينقطع.