قال القلمس قد أحسنت يا جمعة فقولي أنت يا هند فقالت:
وجدت وخير القول في الحكم نافع ... ذوي الطول مما قد يعمم ويلبس
وليس الفتى عندي بشيء أعده ... إذا كان ذا مالٍ من العقل مفلس
وذو الجبن مما يسعر الحرب نفخه ... يهيج منها نارها ثم يخنس
وكم من كثير المال يقبض كفه ... وكم من قليل المال يعطي ويسلس
وكم من صغير نزدريه لعله ... يهيج كبيراً شره متبجس
وكم من مراء ذي صلاحٍ وعفة ... يختال بالتقوى هوي الذئب الأملس
وآخر ذي طمرين صاحب نية ... يجود بأعمال التقى ثم ينفس
وكم من سفيه للجماعة مفسد ... يدب الشر بينهم ويوسوس
وذو الظلم مذموم الثنا ظاهر الخنا ... غني عن الحسنى وبالشر يعرس
قال القلمس قد أحسنتما فزيديني يا جمعة فقالت:
رأيت بني الدنيا كأحلام نائم ... وكالفيء يدنو ظله ثم يقلص
وكل مقيم في الحياة وعيشه ... بلا شك يوماً أنه سوف يشخص
يفر الفتى من خشية الموت والردى ... وللموت حتف كل حي سيغفص
أتاه حمام الموت يسعى بحتفه ... وقد كان مغروراً بدنيا تربص
كأنك في دار الحياة مخلد ... وقد بان منها من مضى وتقنصوا
لقد أفسد الدنيا وعيش نعيمها ... فجائع تترى تعتري وتنغص
الإرب مرزوق بغير تكلف ... وآخر محروم يجد ويحرص
فقالت هند:
لقد أيقنت نفس غير باطل ... وإن عاش حيناً أنه سوف يهلك