همام فلم يذكره مرفوعا، وإنما ذكره موقوفا من قول قتادة، فجمعهما مع همام ترك ذكره في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -. وانفرد همام عنهما بزيادة ذكره عن قتادة، فاعلمه. اهـ.

قال محمد -وفقه الله-: وإذا فرغنا من هذا، فينبغي أن نختم القول في هذا الحديث بالنظر فيما رآه الدارقطني، ومن رآه معه من توهيم سعيد بن أبي عروبة، وجرير، ومن تابعهما في رفع الاستسعاء في هذا الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتصويب قول همام؛ حيث جعله من كلام قتادة، فأقول: (ليس ينبغي لمنصف أن يحمل الوهم على جماعة كبيرة من الحفاظ الأثبات لقول واحد خالفهم، ربما قد لا يلحق بهم في الحفظ؛ وهم: سعيد بن أبي عروبة، وجرير ابن حازم، وأبان بن يزيد العطار، وحجاج بن حجاج الباهلي، مع من تابعهم على روايتهم. ثم إنا إذا حققنا النظر بين رواياتهم، ورواية همام، لا نجد بينهم في الحقيقة خلافا، فإن هماما لم ينف ما رووه، ولا أنكر في روايته أن يكون ذكر الاستسعاء مرفوعا، وإنما روى أنه سمع قتادة يقول ذلك، ويفتي به؛ وهذا لا نكير فيه؛ فإن الواجب على كل من صحت عنده سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعمل بها، ويفتي (بها) (?) من استفتاه إذا سلمت من المعارض، وسائر القوادح، فلا يبعد أن يكون قتادة حدث به تارة كما رواه مرفوعا، وتارة أفتى بمقتضاه، حسب ما قيده ورواه، وهذا عندي أولى من تخطئة هؤلاء الثقات، وإلى هذا -والله أعلم- ذهب الإمام أبو عبد الله البخاري في إدخاله إياه في الصحيح، وتابعه مسلم -رَحِمَهُ اللهُ- وبعيد أن يخفى عليهما رواية همام في ذلك، فما أدخلاه إلا عن بصيرة؛ ويشهد لهذا، ويدل عليه اعتناء البخاري -رَحِمَهُ اللهُ- بمتابعة/38. أ/ من تابع جريرا، وابن أبي عروبة على رفع الاستسعاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، هذا الذي نراه، والله المستعان، لا رب غيره). اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015