يتأهل أو لا يهتدي أحد إلى كشفه وبيانه، بل عيون النقاد جاحظة وقلوبهم واعية .. يقظة. لم تقف السلسلة الثنائية حتى انبرى تلميذ أبي الحسن ابن القطان: أبو عبد الله ابن المواق المتوفى سنة (642 هـ) عصري الجماعة المتأخرين الذين تكلموا على أحاديث لم يسبق لمن تقدمهم فيها كلام؛ وهم الزكي المنذري (ت 656 هـ) والضياء المقدسي (ت 643 هـ) وابن القطان الكتامي، والدمياطي المصري (ت 705).
برز التلميذ أيضًا آخذًا بالإمام، لاحقاً بالركب، فأخرج من بنيانه علومًا نقدية، ومعايير صناعية، واضعًا نفسه بين شيوخه ضاربًا لنفسه بحظه من العلم والنقد، على قاعدة: كم أبقى الأول للآخر. فخرج ديوان نقد على شيخه ابن القطان فيصلا بين المتخاصمين، وحكما بين المتجادلين، قطع فيه بأمور خطأ فيها شيخه وصوب ابن الخراط.
وقد أشاد بعلوم هذا الناقد المغمور (?) جماعة من كبار علماء المتأخرين كالزين العراقي (ت 804 هـ) وابن حجر (ت 852 هـ) والسخاوي (ت 902 هـ)، والسيوطى (ت 911 هـ)؛ فنقولهم عنه في الإتصال والتدليس وغيره من أعز النقول في علم ومصطح الحديث وأغزرها فائدة، وغلب على منهج ابن المواق الإستقراء لتقرير النتائج النقدية المتوخاة. وديوان النقد الذي فتح به الناقد ابن المواق بين ابن الخراط وابن القطان هو كتاب: ((بغية النقاد النقلة، فيما أخل به كتاب "البيان" وأغفله، أو ألم؛ به فما تممه ولا كمله)).
ولا توجد منه إلا قطعة معروفة في خزانة الأسكوريال بمدريد.
وقد انتدب لخدمة هذا الكتاب وتحقيقه ودراسته زميلنا الفاضل الأستاذ الوقور