على الأقل -لتسجيل الموضوع في الرسائل الجامعية، فإن جماعة من كبار الباحثين قد انتقدوا ذلك، وفي طليعة هؤلاء الباحثين الدكتور أكرم ضياء العمري حيث قال:
(ويبدو لي أن حالة المخطوطة وتوفر الصفات الإيجابية فيها، أو عدمها هو الذي يقرر قبول تسجيلها أو رفضه، وإلا فإن بعض الأصول الفريدة المهمة ستبقى لا يقبل على إخراجها أحد خاصة وأن معظم ما يحقق في الوقت الحاضر هو ثمرة الدارسات الجامعية العليا. لكن المسلم به عدم جواز نشر المخطوطة بالإعتماد على نسخة واحدة مع توفر نسخة أو نسخ أخرى). (?)
إن "بغية النقاد" جزء من التراث العلمي الهام الذي بني عليه كبار الحفاظ علمهم؛ فالحافظ زين الدين العراقي، وبرهان الدين الزركشي، والحافظ ابن حجر العسقلاني، والحافظ السيوطي؛ هؤلاء وغيرهم ينقلون عن ابن المواق من البغية ويستشهدون بأقواله ويرجعون إليها، أو يناقشونه فيها، وتبقى الخزانة الحديثية شديدة الحاجة إلى هذه اللبثة العلمية التي استفاد منها كبار المحدثين المتأخرين، ولا زالت لم تر نور الطاعة حتى يستفيد منها أهل هذا الشأن في هذا العصر، لكل ذلك كان إحياء هذا الكتاب وبعثه من الواجبات المتحتمة، وإذا تهيبت أنا وتهيب غيري من الباحثين الإقدام على هذا العمل كان مصيره مصير غيره من النوادر التي ظل العلماء ينتظرونها بشوق ولهف، حتى ترجح لديهم اندراسها وفقد الأمل في العثور عليها.
إننا لم نعثر على كتاب "بغية النقاد" كاملا، لكننا نعلم أنه وضع تعقيبا على كتابين هما: بيان الوهم والإيهام، لأبي الحسن بن القطان، والأحكام الوسطى، لأبي محمد عبد الحق الإشبيلي، وهذان الكتابان كتب الله لهما البقاء، وقدر لهما ان تبقى نسخ منهما، وبالتالي فإن هاتين الدعامتين الأساسيتين لعمل ابن المواق تبقى شاهدة حاضرة تستجيب للباحث كما كانت الحاجة ماسة لشهادتهما، ثم مما يتمم هذه البنية العلمية نقول من جاء بعد ابن المواق عنه، وكتب المتأخرين طافحة بذلك.