بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله، والصلاة على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد: فقد شهد تاريخ العلم عند المغاربة ميلاد مدارس عنيت بنقد الحديث النبوي، ومدارسة ثبوته أو عدم ثبوته وفق الصناعة النقدية التي ابتكرها نقاد الحديث وصيارفته، وكانت من إملاء الفؤاد وجود المخاطر، وتكلفت بصيانة السنة ووصولها إلى الناس غضة طرية، وكانت مستجيبة لقاعد الحفظ ومحققة لما وعد الله به: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
إن قواعد النقد لدى المسلمين قامت على القابلية الساذجة للقبول، وعلمت الناس ما يقبلون وما يردون، ونبهت على أن القبول منوط بشروط وأوصاف لابد من توفرها، وكان تكامل المنهج النقدي واستقامته في الجمع بين ركنين أساسيين في الرواية: العدالة والضبط. فالعدالة: هي السيرة الذاتية من لزوم الفرائض وترك النواهي، وهي باطنة وظاهرة، والضبط: هو القدرة العلمية من صحة الذهن في حفظه وصحة كتبه، وندرة الغلط أو انعدامه.
إلى شروط اتصال السند: وهي تحقق الرواية بين الرواة على صفة مرضية للحديث أو الجزء المروي، وبراءة السند من التدليس؛ الذي هو ضرب من التعمية والإيهام، وخلوه من الشذوذ والنكارة، وهما المخالفة والإضطراب المؤذن بالضعف فتقديم الأوثق الأحفظ على من دونه، وتقدم الجماعة من الثقات على الواحد عند المخالفة هو الملحظ النقدي الذي يدل عليه العلم والعقل، فإن خالف الضعيف الثقة أدعى للرد.
لقد دخل الحديث إلى بلاد الأندلس بواسطة معاوية بن صالح الحضرمي (ت