وضعوا قواعد النقد العلمي الدقيق للأخبار والمرويات بين أمم الأرض كلها، وأن جهدهم في ذلك جهد تفاخر به الأجيال، وتتيه به على الأمم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) (?).
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا (بغية النقاد النقلة، فيما أخل به كتاب "البيان" وأغفله، أو أَلَمَّ به، فما تممه ولا كمله. للحافظ أبي عبد الله محمد بن أبي يَحْيَى؛ الشهير بابن المواق). هو ثمرة للجهود العلمية النقدية الحديثية التي ابتدأت بعبد الحق الإشبيلي بكتابه "الأحكام الوسطى"، ثم أينعت على يد أبي الحسن ابن القطان الفاسي بكتابه: "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام" ونضجت بمؤلَّف "البغية" هذا.
تنوعت مناهج المحققين بين اتجاهين:
أحدهما: استشراقي غربي هدفه إخراج النص المحقق بغض النهار عن الرجوع إلى مواطن النقل والتخريج، ولا يتناول تراجم لأعلام النص، ولا التعليق على أفكار المصنفٌ، ومن سار على هذا المنهج آثر إخراج النص خلوا من الحواشي والتعليقات والتخريجات.
الثاني: يهتم بالرجوع إلى موارد المؤلف ومقابلتها بالمنقول عنها فيه، وتخريج نصوصها، وبيان عزوها.
والمنهج الأول قد يتواءم مع طبيعة بعض النصوص ويتناسب معها، فلا ضير في تحقيقها بالإعتماد عليه، في حين أن المنهج الثاني قد يكون هو الأنسب لنصوص أخرى.