السَّلامَ وَقُلْ لَهُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَالْمَالُ عِنْدِي عَلَى حَالِهِ.

وَعَنْ أَبِي مُصْعَبٍ أَيْضًا أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيد قَالَ لِمَالِكٍ: أُرِيدُ أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ الْمُوَطَّأَ، قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَتَى؟ قَالَ مَالِكٌ: غَدًا، فَجَلَسَ هَارُونُ يَنْتَظِرُهُ، وَجَلَسَ مَالِكٌ فِي بَيْتِهِ يَنْتَظِرُهُ، فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ هَارُونُ فَدَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُكَ مُنْذُ الْيَوْمِ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: وَأَنا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُكَ مُنْذُ الْيَوْمِ، وَإِنَّ الْعِلْمَ يُؤْتَى وَلا يَأْتِي، وَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ هُوَ الَّذِي جَاءَ بِالْعِلْمِ، فَإِنْ رَفَعْتُمُوهُ ارْتَفَعَ، وَإِنْ وَضَعْتُمُوهُ اتَّضَعَ.

وَذَكَر عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا، وَأَنَّ الرَّشِيدَ لَمَّا طَلَبَ مَالِكًا لِيَسْمَعَ مِنْهُ الْمُوَطَّأَ لَمْ يَأْتِهِ، فَلَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ، أَتَاهُ وَذَكَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ الْوَحْيَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَى إِلَيْهِ أَنَّهُ ضَرِيرٌ لا يَقْدِرُ عَلَى الْجِهَادِ، قَالَ زَيْدٌ: فَوَقَعَتْ فَخِذُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ: اكْتُبْ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] قَالَ مَالِكٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَرْفٌ وَاحِدٌ، بُعِثَ فِيهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، أَلا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُعِزَّهُ وَأُجِلَّهُ؟ وَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رَفَعَكَ وَجَعَلَكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَلا تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ يَضَعُ عِزَّ الْعِلْمِ، فَيَضَعُ اللَّهُ عِزَّكَ، فَمَضَى الرَّشِيدُ إِلَى مَالِكٍ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى الْمِنَصَّةِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَهُ قَالَ: تَقْرَؤُهُ عَلَيَّ، قَالَ: مَا قَرَأْتُهُ عَلَى أَحَدٍ مُنْذُ زَمَانٍ، قَالَ: فَتُخْرِجُ النَّاسَ عَنِّي حَتَّى أَقْرَأَهُ أَنَا عَلَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّ الْعِلْمَ إِذَا مُنِعَ مِنَ الْعَامَّةِ لأَجْلِ الْخَاصَّةِ، لَمْ يَنْفَعِ اللَّهُ بِهِ الْخَاصَّةَ، فَأَمَرَ لَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015