الله صلى الله عليه وسلم.
وقد فهم هذا المعنى أصحابه صلى الله عليه وسلم، فكثر عنهم التحذير من البدع تحذيراً عاماً كما هو مذكور في موضعه، حتى قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تعبدوها"، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق".
فهنيئاً لمن وفقه الله للإخلاص في عبادته واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يخالطها ببدعة.
إذاً، فليبشر بتقبل الله عز وجل لطاعته، وإدخاله إياه في جنته، جعلنا الله من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
واعلم أن مرجع هذه البدع المشار إليها إلى أمور:
الأول: أحاديث ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها ولا نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا لا يجوز العمل به عندنا، على ما بينه الألباني سلمه الله في مقدمة كتابه "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "، وهو مذهب جماعة من أهل العلم؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
الثاني: أحاديث موضوعة، أو لا أصل لها، خفي أمرها على بعض الفقهاء، فبنوا عليها أحكاماً هي من صميم البدع ومحدثات الأمور!
الثالث: اجتهادات واستحسانات صدرت من بعض الفقهاء، خاصة المتأخرين منهم، لم يدعموها بأي دليل شرعي، بل ساقوها مساق المسلمات من الأمور، حتى صارت سنناً تتبع!
ولا يخفى على المتبصر في دينه؛ أن ذلك مما لا يسوغ اتباعه؛ إذ لا شرع إلا ما شرعه الله تعالى، وحسب المستحسن - إن كان مجتهداً - أن يجوز له هو العمل بما استحسنه وأن لا يؤاخذه الله به، أما أن يتخذ الناس ذلك شريعة