قرأت على أبي النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد قابوس بن خلف الاديب بطرابلس قلت: أخبركم أبو عبد الله الحسين بن خالويه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد عن الرياشي عن الاصمعي عن منتجع بن نبهان الصيداوي قال: أخبرني رجل من بني الصيداء من أهل الصريم قال: كنت أهوى جارية من باهلة وكان أهلها قد أخافوني، وأخذوا علي المسالك فخرجت ذات يوم فاذا حمامات يسجعن على أفنان أيكات متناوحات في سرارة واد، فاستنفرني الشوق فركبت وأنا أقول:

دعت فوق أغصان من الأيك موهنا ... مطوقة ورقاء في إثر آلف

فهاجت عقابيل الهوى اذ ترنمت ... وشيب ضرام الشوق بين الشراسف

بكت بجفون دمعها غير ذارق ... وأغرت جفوني بالدموع الذوارف

لكني سرت فآواني الليل الى حي، فخفت أن يكون من قومها، فبت القفر فلما هدأت الرجل، ورنقت في عيني سنة، واذا قائل يقول:

تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار

فتفاءلت بها والله، ثم غلبتني عيناني فإذا آخر يقول:

لن يلبث القرناء أن يتفرقوا ... ليل يكر عليهم ونهار (216- ظ)

فقمت وعبرت، وركبت متنكبا عن الطريق، فاذا راع مع الشروق وقد سرح غنما له وهو يتمثل:

كفى بالليالي المخلقات لجدة ... وبالموت قطاعا حبال القرائن

فأظلمت والله علي الارض، فتأملته فعرفته، قلت: فلان؟ قال فلان، قلت ما وراءك؟ قال: ماتت والله رملة، فما تمالكت أن سقطت عن بعيري، فما أيقظني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015