في أيديهم أرادوه على الخلع فأبى، وسمع الضجّة، فقال: ما هذا؟ قيل جاءوا بأحمد بن المتوكل للخلافة، فقال: أحمد هذا هو ابن فتيان؟ قالوا: نعم، قال: ويل لهم، فهلا أتوا بأبي عيسى أخيه، فإنه كان أقرب لهم إلى الله عز اسمه، وأنفع للمسلمين.
قال: وأوقع الأتراك البيعة لأحمد بن المتوكل على الله وسموه المعتمد، وذلك في يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، ولم يخلع المهتدي نفسه فقتلوه، وقيل مات من سهم وضربة كانابه، وصلى عليه جعفر ابن عبد الواحد الهاشمي «1» .
قال أبو بكر الصولي: وكان المعتمد جهيرا فصيحا صيّتا إذا خطب أسمع أقصى الناس، وكان يمثّل بينه وبين المستعين بالسخاء فيقال: ما ولي لبني العباس أسخى منهما، وكان جيد التدبير فهما بالأمور، جليلا في قلوب الناس، فلما جرى عليه ما جرى من تفويضه أمره، وغلب على رأيه، نقصت حاله عند الناس؛ وكان يحب الشعر ويشتهيه، ولم يكن له طبع يزنه به، فكان ربما وقع له الموزون، وربما لم يتزن فيغني المعنى في الشعر الذي هو عنه موزون ويعملون ألحانا عليه (6- و) فيرى أنه جيد لما غني فيه، وليس كل مغن يفهم التقطيع والقسمة، ولا يغني إلا بشعر صحيح.
قال الصولي: أنشدني عبد الله بن المعتز للمعتمد مما وزنه صحيح:
الحمد لله ربي ... ملكت مالك قلبي
فصرت مولى لملكي ... وصار مولى لحبي
قال: وهو القائل لما أكثر الناصر لدين الله نقله من مكان الى مكان: