المنازل بينهم وبين المسلمين، وألا يحدثوا كنيسة إلا ما كان في أيديهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا في جوف البيعة، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة، ولا يرفعوا صليبا إلّا في كنيسة، وأن يؤخذ منهم القبليّ من الكنائس للمساجد، وأن يقروا ضيف المسلمين ثلاثا، وعلى أن لا تكون الخنازير بين ظهراني المسلمين وعلى أن يناصحوهم فلا يغشوهم، ولا يمالوا عليهم عدوا، وأن يحملوا راجل المسلمين من رستاق إلى رستاق وأن لا يلبسوا السلاح ولا يحملوه الى العدو، ولا يدلّوا على عورات المسلمين، فمن وفى وفى المسلمون له ومنعوه بما يمنعون به نساءهم وأبناءهم، ومن انتهك شيئا من ذلك حلّ دمه وماله وسباء أهله، وبرئت الذمة منه. وكتب بذلك كتابا بريء فيه من معرة الجيش، فدخل في هذا الصلح أهل الجزيرة، وقبل ذلك ما كان أبو عبيدة فارقهم على أربعة دراهم وعباءة على كل جلجله «1» على أن يكون عمر الفارض عليهم إذا قدم بلادهم.
وذكر البلاذري فيما حكاه في كتابه قال: وحدثني أبو جعفر الدمشقي عن سعيد ابن عبد العزيز قال: لما فتح أبو عبيدة بن الجراح دمشق استخلف يزيد على دمشق، وعمرو بن العاص على فلسطين وشرحبيل على الأردن، وأتى حمص فصالح أهلها على نحو صلح بعلبك، ثم خلف بحمص عبادة بن الصامت (257- ظ) الأنصاري، فمضى نحو حماه فتلقاه أهلها مذعنين فصالحهم على الجزية في رؤوسهم، والخراج في أرضهم، فمضى إلى شيزر فخرجوا يكفرون ومعهم المقلسون ورضوا بمثل ما رضي به أهل حلب، ومر أبو عبيدة بمعرة حمص وهي التي تنسب إلى النعمان بن بشير فخرجوا يقلسون بين يديه، ثم أتى فامية ففعل أهلها مثل ذلك وأذعنوا بالجزية والخراج، واستمر أمر حمص وكانت حمص وقنسرين شيئا واحدا «2» .