أنشدني راجح بن اسماعيل الحلي لنفسه بحرّان يمدح الملك العظم عيسى ابن الملك العادل، وأنشده إياها بحضرة أخيه الملك الأشرف موسى، وكان قد جرت بينهما وحشة أو جبت أن الملك المعظم أغرى خوارزم شاه جلال الدين «1» (4- و) ببلاد أخلاط، وهي بلاد أخيه الملك الأشرف وأوجب ذلك أن سار الملك الأشرف من الجزيرة إلى دمشق واجتمع بأخيه طمعا في أن تزول الوحشة بينهما، فاتفق أن ورد الخبر إلى دمشق بنزول خوازم شاه على أخلاط محاصرا لها، فأنشده هذه القصيدة يعرض فيها بتقريعه على ما فعل، ويحذره عاقبة الخلاف وذلك في سنة أربع وعشرين وستمائه:
ملكت كما شاء الهوى فتحكمّ ... وإلّا ففيم الهجر لي وإلي كم
أخذت توريّ عن دمي أوما ... ترى بخديك من أثاره لون عندم «2»
ولو جحدت عيناك قتلي وأنكرت ... أقر به خط العزار المتمم
أيحسن أن تمشي من الحسن مثريا ... وتمنع من ماعونه فقر معدم
وفوق يواقيت الشفاه زبرجد ... نقشت به أفراد در منظم
فما لي إذا حاولت منك التفاتة ... احلت على تمويه طيف مسلم
وهبني أرضى بالخيال وزوره ... فمن لي إذ تجفو بجفن مهوم
وبي حرق بين الجوانح كلما ... خلت منك عيدان الأراك بميسم
تحدّث عن برد الثنايا نسيمها ... فيا طيب ما أداه عن ذلك الفم
فظلت نشاوي مورقات غصونها ... تثنى وباتت ورقها في ترنم
لي الله من غصن وريق ومبسم ... وريق حماه اللحظ عن ورد حوم
فيا شغلي بالفارغ القلب والحشا ... أطلت شقائي بالغزال المنعم
(4- ظ)
وعيس رحلناها قسيا فأرقلت ... الى غرض الآمال منا بأسهم
تظل الثنايا مدميات نحورها ... فتقتص أيديهن من أنف مخرم