أليست كليب ألأم الناس كلهم ... وأنت إذا عدّت كليب لئيمها
وكانت أم البعيث أمة حمراء سجستانية تسمى فرتنا، وكان يقال له ابن حمراء العجان، فهجاه جرير فثاوره، فضج إلى الفرزدق يومئذ بالبصرة (136- و) وقد قيد نفسه وآلى لا يفك قيده حتى يقرأ القرآن، فقال البعيث:
لعمري لئن ألهى الفرزدق قيده ... ودرج نوار ذو الدهان وذو الغسل
لينبعثن مني غداة مجاشع بديهة ... لا وان الجزاء ولا وغسل
فقال جرير:
جزعت إلى درجي نوار وغسلها ... فأصبحت عبدا ما يمرّ وما يحلى
وعده الناس مغلوبا حين استغاث.
قال: وقال الفرزدق إني إن وثبت على جرير الآن حققت على البعيث الغلبة، ولكن كأنني وثبت عليهما فأدع البعيث وآخذ جريرا، فقال: الطبيب أطب، فقال الفرزدق:
لودّ جرير اللّوم لو كان غائبا ... ولم يدن من زأر الأسود الضراغم
وليس ابن حمراء العجان بمفلتي ... ولم يزدجر طير النحوس الأشائم
وإنكما قد هجتماني عليكما ... ولا تجزعا واستسمعا للمراجم «1»
وقال:
فإن يك قيدي كان نذرا نذرته ... فما بي عن أحساب قومي من شغل «2»
وقال:
دعاني ابن حمراء العجان فلم يجد له ... إذ دعا مستأخرا عن دعائيا
فنفست عن سميه حتى تنفسا ... وقلت له لا تخشى شيئا ورائيا