قال: فلم يزل خالد مع أبي العباس أمير المؤمنين على تلك الحال حتى مضى أمير المؤمنين أبو العباس.
قال: واستخلف المنصور فأقر خالدا على حاله ومرتبته وعلى ديوان الخراج، وكان به معجبا، فمكث بذلك عدة سنين، ثم غلب عليه أبو أيوب المورياني فثقل على أبي أيوب مكان خالد، وأحب أن يخلو بأبي جعفر، فكان لا يألو ما حمّل أبا جعفر عليه الى أن أتيهم انتقاض فارس وغلبة الأكراد عليها، فأعظم أبو جعفر ذلك وأمر أبا أيوب بارتياد رجل يصلح لها، فقال: قد أصبته يا أمير المؤمنين، قال: ومن هو؟ قال: خالد بن برمك، قال: صدقت هولها، فعقد له على فارس فشخص اليها فافتتحها، وجلا الاكراد عنها، وصلحت فارس على يدي خالد، وأقام بها سنين ودخل اليه وجوه الناس وأشرافهم من الأمصار (339- ظ) وامتدحه الشعراء فوصلهم وحباهم وصرفهم راضين، فحمدوه في سائر الأمصار، وشاع ذكره بالسماحة وسعى أبو أيوب المورياني بخالد الى أبي جعفر فقال له: قد اقتطع خالد من خراجك ثلاثة آلاف ألف درهم، ووصل بها الناس، فأغضبه عليه، فصرف خالدا عن فارس، فلما قدم عليه ألزمه بعض ذلك المال، فدعا به بعد أن باع في أداء ذلك المال الدواب والرقيق والمتاع فلما دخل عليه قال: أخذت مالي واجترأت علي وفرقته في الناس فقال له خالد: كل ما قال أمير المؤمنين فقد صدق، غير أني يا أمير المؤمنين اقتصرت على أرزاقي ونظرت الى معونتي من أمير المؤمنين وما تفضل به عليّ فصرفته الى أشراف الناس وتفضلت به عليهم لأنه لم يكن شكري يحيط بنعم أمير المؤمنين علي فجمعت الى شكري شكر هؤلاء، وذلك كله لأمير المؤمنين ان جعل السبيل اليه وأعانني عليه، فسره ذلك، قال: صدقت وأحسنت أقر الله عينك يا خالد قد زينتا وزينت نفسك لنا، فأنت في حل مما جرى على يدك من أموالنا، وقد رضيت عنك، وعظم في عينه بعد ذلك.
قال ابن الأزرق: وذكر علي بن الفرج، وكان الفرج أبوه لأبي أيوب، ثم صار لأبي جعفر قال: لم يكن أبو أيوب يأمن ناحية خالد بن برمك وان يرده أبو جعفر الى كتابته وديوان الخراج، فكان يحتال عليه، وكان مما احتال به أن دس الى بعض الجهابذة مالا عظيما وقال له: اذا سألك أمير المؤمنين على هذا المال فقل له