أي: وشيء ما من رضوانه أكبر من ذلك كله؛ لأن رضاه سبب كل سعادة وفلاح، ولأن العبد إذا علم أن مولاه راضٍ عنه فهو أكبر في نفسه مما وراءه من النعم، وإنما تهنأ له برضاه، كما أنه إذا علم بسخطه تنغّصت عليه، ولم يجد لها لذة، وإن عظمت.
وقد جاء للتعظيم والتكثير جميعا، كقوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} [فاطر: 4] أي: رسل ذوو عدد كثير, وآيات عظام1، وأعمار طويلة، ونحو ذلك.
والسكاكي2 لم يفرق بين التعظيم والتكثير، ولا بين التحقير والتقليل، ثم جعل التنكير في قولهم: "شر أهر ذا ناب" للتعظيم، وفي قوله تعالى: {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} [الأنبياء: 46] لخلافه، وفي كليهما نظر؛ أما الأول فلما سيأتي3، وأما الثاني فلأن خلاف التعظيم مستفاد من البناء للمرة، ومن نفس الكلمة4؛ لأنها إما من قولهم: "نفحت الريح" إذا هبت, أي: هبة، أو من قولهم: "نفح الطيب" إذا فاح, أي: فوحة، كما يقال: شمة, واستعماله بهذا المعنى في الشر استعارة؛ إذ أصله أن يستعمل في الخير؛ يقال: "له نفحة طيبة" أي: هبة من الخير. وذهب أيضا إلى أن قوله تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ} [مريم: 45] بالتنكير دون "عذاب الرحمن" بالإضافة؛ إما للتهويل أو لخلافه5، والظاهر أنه لخلافه، وإليه