فرد معين، وهو العهد الخارجي، ونحوه العلم الخاص "كزيد"، وإما فرد غير معين، وهو العهد الذهني، ونحوه النكرة "كرجل"، وإما كل الأفراد؛ وهو الاستغراق، ونحوه لفظ "كل" مضافا إلى النكرة كقولنا: "كل رجل".
وقد شكك السكاكي1 على تعريف الحقيقة والاستغراق بما خرج الجواب عنه مما ذكرنا2، ثم اختار3 -بناء على ما حكاه عن بعض أئمة أصول الفقه من كون اللام موضوعة لتعريف العهد لا غير4- أن المراد بتعريف الحقيقة تنزيلها منزلة المعهود بوجه من الوجوه الخطابية؛ إما لكون الشيء حاضرا في الذهن لكونه محتاجا إليه على طريق التحقيق أو التهكم5، أو لأنه عظيم الخطر معقود به الهمم6 على أحد الطريقين7، وإما لأنه لا يغيب عن الحس8 على أحد الطريقين لو كان معهودا9.
وقال10: الحقيقة من حيث هي هي لا واحدة ولا متعددة؛ لتحققها مع الوحدة تارة ومع التعدد أخرى، وإن كانت لا تنفك في الوجود عن أحدهما، فهي صالحة للتوحد والتكثر؛ فكون الحكم استغراقا أو غير استغراق "راجع" إلى مقتضى المقام11، فإذا كان خطابيا12 مثل "المؤمن غِرّ كريم، والفاجر خَبّ لئيم" حُمل المعرف باللام -مفردا كان أو جمعا- على الاستغراق؛ بعلة إيهام أن القصد إلى فرد دون آخر -مع تحقق الحقيقة فيهما- ترجيح لأحد المتساويين، وإذا كان استدلاليا حُمل على أقل ما يحتمل، وهو الواحد في المفرد، والثلاثة في الجمع13.