"أشاب الصغير ... "1 البيت.
دقة مسلكه: واعلم أنه ليس كل شيء يصلح لأن تتعاطى فيه المجاز العقلي بسهولة، بل تجدك في كثير من الأمر تحتاج إلى أن تهيئ الشيء وتصلحه له بشيء تتوخاه في النظم؛ كقول من يصف جملا "من الطويل":
تجوب له الظلماء عين كأنها ... زجاجة شرب غير ملأى ولا صفر2
يريد أنه يهتدي بنور عينه في الظلماء، ويمكنه بها أن يخرقها ويمضي فيها، ولولاها لكانت الظلماء كالسد الذي لا يجد السائر شيئا يفرجه به، ويجعل لنفسه فيه سبيلا، فلولا أنه قال: "تجوب له" فعلق "له" بـ "تجوب" لما تبين جهة التجوز في جعل الجَوْب فعلا للعين كما ينبغي؛ لأنه لم يكن حينئذ في الكلام دليل على أن اهتداء صاحبها في الظلمة ومضيه فيها بنورها، وكذلك لو قال: "تجوب له الظلماء عينه" لم يكن له هذا الموقع، ولا نقطع السلك من حيث كان يعيبه حينئذ أن يصف العين بما وصفها به3.
الخلاف في استلزامه الحقيقة:
واعلم أن الفعل المبني للفاعل في المجاز العقلي واجب أن يكون له فاعل في التقدير، إذا أسند إليه صار الإسناد حقيقة؛ لما يُشعر