فلا يصير "ضَرَبَ" خبرا عن "زيد" بواضع اللغة؛ بل بمن قُصد إثبات الضرب فعلا له، وإنما الذي يعود إلى واضع اللغة أن "ضرب" لإثبات الضرب، لا لإثبات الخروج، وأنه لإثباته في زمان ماضٍ، وليس لإثباته في زمان مستقبل، فأما تعيين من ثبت له، فإنما يتعلق بمن أراد ذلك من المخبرين. ولو كان لغويا لكان حكمنا بأنه مجاز في مثل قولنا: "خط أحسن مما وشّى الربيع"؛ من جهة أن الفعل لا يصح إلا من الحي القادر1, حكما بأن اللغة هي التي أوجبت أن يختص الفعل بالحي القادر دون الجماد، وذلك مما لا يشك في بطلانه2.

وقال السكاكي3: "الحقيقة العقلية هي الكلام المفاد به ما عند المتكلم من الحكم فيه, قال: وإنما قلت: "ما عند المتكلم" دون أن أقول: "ما عند العقل"4؛ ليتناول كلام الجاهل إذا قال: "شفى الطبيب المريض" رائيا شفاء المريض من الطبيب، حيث عُد منه حقيقة، مع أنه غير مفيد لما في العقل من الحكم فيه"5.

وفيه نظر؛ لأنه غير مطرد؛ لصدقه على ما لم يكن المسند فيه فعلا ولا متصلا به6, كقولنا: "الإنسان حيوان" مع أنه لا يسمى حقيقة ولا مجازا7، ولا منعكس؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015