فإن قيل: لِمَ لا يجوز أن يريد بغير التابعة للمكني عنها التابعة لغير المكني عنها؟ قلنا: غير المكني عنها هي المصرح بها؛ فتكون التابعة لها ترشيح الاستعارة، وهو من أحسن وجوه البلاغة، فكيف يصح استهجانه؟ ".

وأما قول أبي تمام فليس له فيه دليل؛ لجواز أن يكون أبو تمام شبه الملام بظَرْف الشراب؛ لاشتماله على ما يكرهه الملوم، كما أن الظرف قد يشتمل على ما يكرهه الشارب؛ لبشاعته أو مرارته؛ فتكون التخييلية في قوله تابعة للمكني عنها، أو بالماء نفسه1؛ لأن اللوم قد يسكن حرارة الغرام كما أن الماء يسكن غليل الأُوام، فيكون تشبيها على حد "لُجَيْن الماء" فيما مر2، لا استعارة. والاستهجان على الوجهين3؛ لأنه كان ينبغي له أن يشبهه بظرف شراب مكروه، أو بشراب مكروه4؛ ولهذا لم يُستهجَن نحو قولهم: "أغلظت لفلان القول، وجرّعته منه كأسا مُرَّة، أو سقيته أمرّ من العلقم"5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015