من قول أم مريم1، وكذا قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا، مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 44-46] إن جُعل "من الذين" بيانا لـ {الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} ؛ لأنهم يهود ونصارى، أو لأعدائكم؛ فإنه على الأول يكون قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} اعتراضا، وعلى الثاني يكون {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} اعتراضا، ويجوز أن يكون {مِنَ الَّذِينَ} صلة لـ "نصيرا"2 أي: ينصركم من الذين هادوا؛ كقوله: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا} [الأنبياء: 77] 3، وأن يكون كلاما مبتدأ على أن {يُحَرِّفُونَ} صفة مبتدأ محذوف تقديره: "من الذين هادوا قوم يحرفون"؛ كقوله:
وما الدهر إلا تارتان؛ فمنهما ... أموت، وأخرى أبتغي العيش أكدح4
وقد علم مما ذكرنا أن الاعتراض كما يأتي بغير واو ولا فاء, قد يأتي بأحدهما5.