ومن الإيضاح بعد الإبهام باب: "نعم وبئس" على أحد القولين1؛ إذ لو لم يقصد الإطناب لقيل: "نعم زيد وبئس عمرو"2، ووجه حسنه -سوى الإيضاح بعد الإبهام- أمران آخران:
أحدهما: إبراز الكلام في معرض الاعتدال؛ نظرا إلى إطنابه من وجه، وإلى اختصاره من آخر، وهو حذف المبتدأ في الجواب3.
والثاني: إيهام الجمع بين المتنافيين4.
ومنه التوشيع، وهو أن يؤتى في عجز الكلام بمثنى مفسَّر باسمين؛ أحدهما معطوف على الآخر5، كما جاء في الخبر: "يشيب ابن آدم ويشيب فيه خصلتان: الحرص، وطول الأمل".
وقول الشاعر "من الطويل":
سقتني في ليل شبيه بشعرها ... شبيهة خديها بغير رقيب
فما زالت في ليلين: شعر وظلمة
وشمسين: من خمر ووجه حبيب6
وقول البحتري "من الكامل":
لما مشيْنَ بذي الأراك تشابهت ... أعطاف قضبان به وقُدود
في حلتي حبر وروض فالتقى ... وشيان: وشي ربا ووشي برود
وسفرْنَ فامتلأت عيون راقها ... وردان: ورد جنى وورد خدود7