عفاه كل حنّان ... عَسُوف الوبل هَطَّال1
فإنه لما قال: "عفا" وكان العفاء مما لا يحصل للمنزل بنفسه؛ كان مظنة أن يُسأل عن الفاعل. ومثله قول أبي الطيب "من الوافر":
وما عفت الرياح له محلا ... عفا من حدا بهم وساقا2
فإنه لما نفى الفعل الموجود عن الرياح؛ كان مظنة أن يسأل عن الفاعل.
وأيضا من الاستئناف ما يأتي بإعادة اسم ما استُؤنف عنه، كقولك: "أحسنت إلى زيد، زيد حقيق بالإحسان".
ومنه ما يبنى على صفته؛ كقولك: "أحسنت إلى زيد، صديقك القديم أهل لذلك" وهذا أبلغ؛ لانطوائه على بيان السبب3. وقد يُحذف صدر الاستئناف لقيام قرينة، كقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ} [النور: 36، 37] فيمن قرأ "يُسَبَّحُ" مبنيا للمفعول4، وعليه نحو قولهم: "نعم الرجل أو رجلا زيد، وبئس الرجل أو رجلا عمرو"؛ على القول بأن المخصوص خبر مبتدأ محذوف، أي: هو زيد، كأنه لما قيل ذلك، فأبهم الفاعل بجعله معهودا ذهنيا، مظهرا5