كان ملكا لم يكن بشرا، ولأنه إذا قيل في العرف لإنسان: "ما هذا بشرا" حال تعظيم له وتعجب مما يشاهد منه من حسن خَلق أو خُلُق، كان الغرض أنه مَلَك بطريق الكناية.
فإن قيل: هلَّا نزلتم الثانية منزلة الكل من متبوعه في بعض الصور، ومنزلة النعت من متبوعه في بعض؟
قلنا: لأن بدل الكل لا ينفصل عن التأكيد إلا بأن لفظه غير لفظ متبوعه، وأنه مقصود بالنسبة دون متبوعه، بخلاف التأكيد، والنعت لا ينفصل عن عطف البيان إلا بأنه يدل على بعض أحوال متبوعه؛ لا عليه، وعطف البيان بالعكس، وهذه كلها اعتبارات لا يتحقق شيء منها فيما نحن بصدده1.
الثالث: شبه كمال الانقطاع
وأما كون الثانية بمنزلة المنقطعة عن الأولى؛ فلكون عطفها عليها موهما لعطفها على غيرها2، ويسمى الفصل لذلك قطعا، مثاله قول الشاعر "من الكامل":
وتظن سلمى أنني أبغي بها ... بدلا أُراها في الضلال تَهِيم3
لم يعطف "أراها" على "تظن"؛ لئلا يتوهم السامع أنه معطوف على "أبغي"؛