ألا من مبلغ فتيان فهم ... بما لاقيت عند رحا بطان1
بأني قد لقيت الغول تهوي ... بسهب كالصحيفة صَحْصحان2
فقلت لها: كلانا نِضْو أرض ... أخو سفر فخلي لي مكاني3
فشدت شدة نحوي فأهوت ... لها كفي بمصقول يماني
فأضربها بلا دَهَش فخرت ... صريعا لليدين وللجِران4
إذ قال: "فأضربها" ليصور لقومه الحالة التي تَشَجَّع فيها على ضرب الغول كأنه يُبصِّرهم إياها، ويتطلب منهم مشاهدتها, تعجيبا من جراءته على كل هول وثباته عند كل شدة. ومنه قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59] ؛ إذ قال: {كُنْ فَيَكُونُ} دون "كن فكان", وكذا قوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31] .