تسألون عما عملنا ولا نسأل عما تجرمون". وكذا ما قبله1: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} . قال السكاكي رحمه الله2: وهذا النوع من الكلام يسمى المُنْصِف.
ومما يتصل بما ذكرناه أن الزمخشري قدر قوله تعالى: {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة: 2] عطفا على جواب الشرط في قوله: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ} ، وقال: الماضي وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب3, فإن فيه نكتة، كأنه قيل: وودّوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم؛ يعني أنهم يريدون أن يلحقوا بكم مضار الدنيا والدين جميعا من قتل الأنفس وتمزيق الأعراض وردكم كفارا. وردكم كفارا أسبق المضار عندهم وأولها؛ لعلمهم أن الدين أعز عليكم من أرواحكم؛ لأنكم بذّالون لها دونه، والعدو أهم شيء عنده أن يقصد أعز شيء عند صاحبه. هذا كلامه، وهو حسن دقيق، لكن في جعل {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} عطفا على جواب الشرط نظر؛ لأن ودادتهم أن يرتدوا كفارا حاصلة وإن لم يظفروا بهم؛ فلا يكون في تقييدها بالشرط فائدة؛ فالأولى أن يجعل قوله: {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} عطفا على الجملة الشرطية؛ كقوله تعالى: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} 4.
لو: وأما "لو" فهي للشرط في الماضي مع القطع بانتفاء الشرط؛ فيلزم انتفاء الجزاء5؛ كانتفاء الإكرام في قولك: "لو جئتَني لأكرمتك" ولذلك قيل: هي لامتناع