لفظ يفيد تقوية ما يفيده لفظ آخر، وما نحن فيه ليس كذلك، ولئن سلّمنا أنه يسمى تأكيدا1 كقولنا: "لم يقم إنسان" إذا كان مفيدا للنفي عن كل فرد؛ كان مفيدا للنفي عن جملة الأفراد لا محالة؛ فيكون "كل" في: "لم يقم كل إنسان" إذا جُعل مفيدا للنفي عن جملة الأفراد تأكيدا لا تأسيسا، كما قال في: "كل إنسان لم يقم"؛ فلا يلزم من جعله للنفي عن كل فرد2 ترجيح التأكيد على التأسيس3.
ثم جعله قولنا: "لم يقم إنسان" سالبة مهملة في قوة سالبة كلية -مع القول بعموم موضوعها لوروده نكرة في سياق النفي- خطأ؛ لأن النكرة في سياق النفي إذا كانت للعموم كانت القضية التي جعلت هي موضوعا لها سالبة كلية، فكيف تكون سالبة مهملة4؟! ولو قال: "لو لم يكن الكلام المشتمل على كلمة "كل" مفيدا لخلاف ما يفيده الخالي عنها؛ لم يكن في الإتيان بها فائدة" لثبت مطلوبه في الصورة الثانية دون الأولى؛ لجواز أن يقال: إن فائدته فيها الدلالة على نفي الحكم عن جملة الأفراد بالمطابقة5.
واعلم أن ما ذكره هذا القائل من كون "كل" في النفي مفيدة للعموم تارة