{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} [النساء: 83] إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها، وقد لا يكون لها صحة. وقد قال مسلم في مقدمة "صحيحه" ... عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "كفى بالمرءكذبًا أن يحدِّث بكل ما سمع" (?).
وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن قيل وقال ... " (?). أي: الذي يُكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت ولا تدبر ولا تبين، وفي الصحيح: "مَنْ حدَّث عني بحديثٍ يُرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذِبِين" (?).
ولنذكر ها هنا حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المتفق على صحته حين بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلَّق نساءه، فجاء من منزله حتى دخل المسجد، فوجد الناس يقولون ذلك، فلم يصبر حتى استأذن على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فاستفهمه: أطلَّقتَ نساءك؟ فقال: "لا"، فقلت: الله أكبر ... وذكر الحديث بطوله.
وعند مسلم: فقلت: أطلقتهنَّ؟ فقال: "لا"، فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يُطَلِّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ