المنقطع للعبادة في الفتنة فَرَّ عن الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه عز وجل، فهو مهاجر إلى الله سبحانه وتعالى" (?).
وقد قال الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [الحديد: 10] لأن الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا فعلوا ذلك في وقت خوف وقلة، بخلاف من فعل ذلك بعد الفتح، فإنهم- وإن كانوا موعودين بالحسنى- إلا أنهم أنفقوا وقاتلوا بعد عزة الإِسلام وقوة أهله (?).
وقال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45].
وذلك لأن الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر.
وقال- جلَّ وعلا- مخاطبًا خليله محمدًا- صلى الله عليه وسلم -: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)} [الحجر: 97 - 99]. فأمره- صلى الله عليه وسلم - بأن يفزع إلى الصلاة والذكر إذا ضاق صدره بما يقوله أعداء الدين، فإن في ذلك شرحًا للصدر، وتفريجًا للكربة، وهكذا كان هديه صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، قال حذيفة - رضي الله عنه -: "رجعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الأحزاب وهو مشتمل في شملة يصلي، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حَزَبه أَمْرٌ صَلى" (?).