الَّتى تتفاوت بها المعرفةُ بحسب تفاوت النَّاس فى العلم. وكذلك قوله: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الذين أُوتُواْ العلم} .
وذكر فى مواضع آية [و] فى مواضع آيات. وذلك لمعنى مخصوص يقتضيه ذلك المقام. وإِنما قال: {وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} ولم يقل: آيتين؛ لأَنَّ كلّ واحد صار آية الآخر. وقوله: {وَمَا نُرْسِلُ بالآيات إِلاَّ تَخْوِيفاً} فالآيات ههنا قيل: إِشارة إِلى الجَرَاد والقُمَّل، والضَّفادع، ونحوه من الآيات الَّتى أُرْسِلَت إِلى الأُمم المتقدّمة، فنبّه أَنَّ ذلك إِنَّما يُفْعل بمن يفعله تخويفاً. وذلك أَخسّ المنازل للمأْمورين؛ فإِنَّ الإِنسان يتحَرَّى فعل الخير لأَحد ثلاثة أَشياءٍ: إِمّا أَن يتحرّاه [رغبة أَو رهبة؛ وهو أَدنى منزلة، وإِما أَن يتحرّاه] لطلب مَحْمَدَة، وإِمّا أَن يتحرّاه لفضيلة. وهو أَن يكون ذلك الشئُ فى نفسه فاضلاً. وذلك أَشرف المنازل. فلمّا كانت هذه الأُمّة خير أُمّة - كما قال - رفعهم عن هذه المنزلة، ونبّه أَنَّه لا يعمّهم العذاب؛ وإِن كانت الجَهَلة منهم كانوا يقولون؛ أَمطِرْ علينا حجارة من السّماءِ أَو ائتنا بعذاب أَليم. وقيل: الآيات إِشارة إِلى الأَدلَّة؛ ونبّه أَنّه يُقتصر معهم على الأَدلَّة، ويُصانون عن العذاب الَّذى يستعجلون به فى قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب} .