وهو إِفعال من النُّزول، وهو فى الأَصل انحطاط من عُلُوّ. يقال: نَزَل عن دابّته، ونزل فى مكان كذا: حَطَّ رحلَه فيه. وأَنزل غيره. وأَنزل الله نِعمه على الخَلْق: أَعطاها إِيّاهم. وذلك إِمّا بإِنزال الشئِ نفسه، كإِنزال القرآن، وإِمّا بإِنزال أَسبابه والهداية إِليه، كإِنزال الحديد والّلباس.
والفرْق بين الإِنزال والتَّنزيل فى وصف القرآن والملائكة، أَنَّ التنزيل يختصّ بالموضع الَّذى يشير إِلى إِنزاله متفرّقاً، ومَرّةً بعد أُخرى، والإِنزال عامّ {لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ} فإِنَّما ذكر فى الأَوّل (نزَّل) وفى الثانى (أُنزل) ، تنبيهاً أَنَّ المنافقين يقترحون أَن ينزل شيءٌ فشئٌ من الحَثِّ على القتال؛ ليتولَّوه. وإِذا أُمِروا بذلك دفعة واحدة تحاشَوا عنه، فلم يفعلوه، فهم يقترحون الكثير، ولا يَفُون منه بالقليل. و {إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ} إِنَّما خصّ بلفظ الإِنزال، لأَنَّ القرآن نزل دفعة إِلى السّماءِ الدّنيا، ثمّ نزل نَجْماً نجماً. وقوله: {لَوْ أَنزَلْنَا هاذا القرآن على جَبَلٍ} دون نزَّلنا تنبيهاً أَنَّا لو خوّلناه تارةً واحدة ما (خوّلناكم مراراً) إِذا لرأَيته خاشعاً.