التى تجب مراعاتها فى العلم والعلماء. فإِن لكل علم حَدّاً لا يتجاوزه، ولكل عالِم ناموساً لا يُخِلّ به.
فمن الوجوه المغلِّطَة أَن يُظَنَّ فى العلم فوق غايته؛ كما يُظَنّ بالطبّ أَنه يُبرئ جميع الأمراض؛ وليس كذلك، فإِن كثيرا من الأَمراض لا يبرأ بالمعالجة.
ومنها أَن يُظنَّ بالعلم فوق مرتبته فى الشرف؛ كما يُظَنّ بالفقه أَنه أَشرف العلوم على الإِطلاق؛ وليس كذلك؛ فإِنَّ التوحيد والعلم الإِلهى أَشرف منه قطعاً.
ومنها أَن يُقصد بالعلم غيرُ غايته؛ كمن يتعلَّم علماً للمال والجاه؛ فإِن العلوم ليس الغرض منها الاكتساب، بل الغرض منها الاطِّلاع على الحقائق، وتهذيب الخلائق. على أَنَّه مَن تعلَّم علماً للاحتراف لا يكون عالما، بل يكون شبيها بالعلماء.
ولقد كوشف علماء ما وراء النهر بهذا العلم وفظِعوا به، لمّا بلغهم بناءُ المدارس ببغداد، وأَصفهان، وشيراز، أَقاموا مأْتم (العلم وقالوا: كان) العلم يشتغل به أَرباب الهمم العليّة، والأَنفس الزكيّة، الذين كانوا يقصدون العلم لشرفه، ولتحصيل الكمال به، فيصيرون علماء ينتفع