وسلَّم قال: "ينزل عيسى من مرْيم على المنارة البيْضاء شَرْقىَّ دمشْق".
وقال إِسحاق الثعلبى: اختلف العلماء فى مدّة حمل مريم بعيسى بن مريم، فقيل: سبعة أَشهر، وقيل: ثمانية، وقيل: ستَّة، وقيل: ساعة، وقيل: ثلاث ساعات، ووضعته عند الزوال وهى بنت عشر سنين، وكانت حاضت قبله حيضتين، وقيل: بل كانت بنت خمس عشرة سنة، وقيل ثلاث عشرة، وأَنَّه كلَّم الناس وهو ابن أَربعين يوماً، ولم يتكلَّم بعدها حتى بلغ زمن كلام الصبيان.
وكان صلَّى الله عليه وسلَّم زاهداً لم يتَّخذ بيتاً ولا متاعاً، وكان قوته يوماً بيوم، وكان سيّاحا فى الأَرض، وكان يمشى على الماء ويُبْرِئُ الأَكْمه والأَبرص ويُحْيِ الموتَى بإِذن الله، ويُخْبرهم بما يأْكلون ويدَّخرون فى بيوتهم، وكان له الحواريّون الذين ذكرهم الله تعالى فى كتابه، وكانوا أَثْنَىْ عشر رجلاً، وكانوا أَصفياءه وأَنصاره ووزراءه، قيل كانوا أَوّلاً صيّادين، وقيل قصّارين، وقيل ملاَّحين.
وممّا أَكرمه الله به تأْييده بُروح القُدُس، قال الله تعالى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القدس} قيل: هو الرّوح الذى نفخ فيه، وقيل جِبْرِيل كان يأْتيه ويسير معه، وقيل: هو اسم الله الأَعظم، وبه كان يُحْيِى الموْتى ويُرِى النَّاس العجائب، ومنها علَّمهُ التوراةَ والإِنْجِيل وكان يقْرؤهما حفظا. ومنها أَنَّه يخْلق من الطِّين كهيْئة الطَّيْر فَيْنفخ فيه فيكون طيراً بإِذن الله. قال الثعلبى: قالوا إِنَّما يخلق الخفَّاش خاصَّة لأَنه أَكمل الطَيْر خلْقَةً، له ثَدْىٌ وأَسنان ويَلدُ ويَحيض ويَطير. قال: وقال وهب بن مُنَبّه: كان يطيرُ حتى يغيب عن النَّاس ثم يقع ميّتا ليتميّز خَلْقُ الله من فعْل غيره. ومنها إِبْراؤه الأَكْمه والأَبرص - والأَكمه: الذى وُلد أَعمى - وإِنَّما خصّ هذين لأَنَّه لا يُرْجَى زوالهما، ولا حيلة للمخلوقين فيها، وكان زمنَ الأَطبّاء وظهرت بهما معجزته. ومنها إِحياؤه الموتىَ، قالوا فأَحْيا جماعةً منهم