يضعه، إِلى آخر قدم ينتهى إِليه يكون سلوكه على غير طريق موصِّل، وهو مقطوع عليه ومسدود عليه سُبُل الهدى والفلاح، وهذا إِجماع من السادة العارفين. ولم ينه عن العلم إِلاَّ قُطَّاع الطَّريق ونُوَّاب إِبليس.
قال سيّد الطَّائفة وإِمامهم الجُنَيد - رحمه الله -: الطُّرُق كلُّها مسْدودة على الخَلْق إِلاَّ من اقتفَى أَثَر رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. وقال: منْ لَمْ يحفظ القرآنَ ولم يكتب الحديث لا يُقتدَى به فى هذَا الأَمر؛ لأَن عِلمنا مقيّد بالكتاب والسنَّة. وقال أَبو حفص: من لم يزِن أَفعاله وأَقواله فى كلّ وقت بالكتاب والسنَّة ولم يتَّهم خواطره لا يعدّ فى ديوان الرِّجال. وقال أَبو سليمان الدّارانى: ربَّمَا يقعُ فى قلبى النُكْتة من نُكَت القوم أَيّامًا فلا أَقبل منه إِلاَّ بشاهدين عدلين: الكتاب والسنَّة. وقال السّرىُّ: التصوّف اسم لثلاثة معان: لا يطفىءُ نورُ معرفته نورَ ورعه. ولا يتكلَّم فى باطن علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب، ولا تحمله الكرامات على هتك أَستار محارم الله. وقال الجنيد: لقد هممت مرة أَن أَسأَل الله تعالى أَن يكفينى مُؤنة النِّساءِ، ثم قلت: كيف يجوز أَن أَسأَل هذا ولم يسأَله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أَسأَله، ثمّ إِنَّ اللهَ تعالى كفانى مُؤنة النساءِ حتى لا أُبالى أستقبلتنى امرأَة أَو حائط. وقال: لو نظرتم إِلى رجل أُعطى من الكرامات أَن تربَّع فى الهواءِ فلا تغترُّوا به حتىَّ تنظروا