وقيل: تَجَرَّعِ الصّبرَ، فإِنّْ قَتَلَك قتلك شهيدًا، وإِن أَحياك أَحياك عزيزًا حميدًا. وقيل: الصّبر لله عَناء، وبالله بقاء، وفى الله بلاء، ومع الله وفاء، وعن الله جفاء. والصّبر على الطَّلب عنوان الظَّفر، وفى المِحَن عنوان الفَرَج.
وفى كتاب الأَدب للبخارىّ: سئل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الإِيمان فقال: "الصّبر والسّماحة". وهذا من أَجمع الكلام، وأَعظمه برهانًا، وأَوعاه لمقامات الإِيمان من أَوّلها إِلى آخرها؛ فإِن النَّفس يراد منها شيئان: بذل ما أُمِرَت به وإِعطاؤه، فالحامل عليه السّماحة؛ وتركُ ما نُهيَتْ عنه والبعد عنه، فالحامل عليه الصّبر. وقد أضمر الله سبحانه فى كتابه بالصّبر الجميل الذى لا شكوى معه، والصّفح الجميل الَّذى لا عِتاب معه، والهجرِ الجميل الذى لا أَذى معه.
وقال ابن عُيَيْنَة فى قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ} : أَخذوا برأْس الأَمر فجعلهم رُءُوسًا.
واعلم أَنَّ الشكوى إِلى الله عزَّ وجلّ لا تُنافى الصّبر؛ فإِنَّ يعقوب - عليه السلام - وَعَد بالصّبر الجميل، والنبىّ إِذا وَعَدَ لا يُخلف، ثمّ قال: {إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله} ، وكذلك أَيّوب عليه السّلام أَخبر الله عنه أَنه وجده صابرًا مع قوله: {مَسَّنِيَ الضر وَأَنتَ أَرْحَمُ الراحمين} ، وإِنَّمَا ينافى